U3F1ZWV6ZTQ1MjQ2MzI1NzQ3MDU3X0ZyZWUyODU0NTI5NDc3MDA1Mw==
أحدث المواضيع

أبرز علماء عمي موسى

 


الشيخ سي بوعلام غلام الله
تلميذ العلامة ابن باديس...مؤسس أول معهد بعمي موسى ولد غلام الله بوعلام المعروف بمنطقة عمي موسى بالشيخ "سي بوعلام" بدوار الـﭭنانسة بزبوجة "الوسط " ببوقادير ولاية الشلف العام 1916 وقيد اسمه بسجلات الحالة المدنية بحكم 21/9/1927 . تربى الشيخ سي بوعلام في حضن أسرة فقيرة دأبت على غرار العائلات الجزائرية المحدودة أو المنعدمة الدخل على خدمة الأرض رأسمال حياتها وبطرق تقليدية , وعلى العموم كانت حياتها المعيشية تعتمد على ما تدره الأرض من نعمة وتكتفي بما كتبه الله لها من رزق . كان كل أفراد السيد غلام الله بن عاشو يولون عناية لهذا الأسلوب من الحياة البسيطة بعد أن حرمت السلطات الفرنسية ابنها بو علام من حق التعليم في المدارس الفرنسية , فكانت وجهة والده أن أدخله مدرسة قرآنية بالدوار الذي كانت تقيم به العائلة وهي مدرسة " كروشي " القرانية " , حين اشتد عود سي بوعلام واستوى وحفظ ما تيسر من الذكر الحكيم , التحق بزاوية الشلف وهناك انهمك جادا في تعلم الدروس الفقهية واللغوية على غرار كل الطلبة في مثل هذه المرحلة من العمر ومستوى التحصيل العلمي , وتمكن سي بوعلام من استيعاب معارف ومكتسبات علمية من فقه الدين واللغة العربية
أهلت ملكة سي بوعلام الذهنية وقوة الحفظ التي كان يمتاز بها ودفعته قريحته إلى أن يسافر إلى مدينة قسنطينة لاستكمال دراسته , فتتلمذ على يد الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس , وانعكس شغوفه المتزايد في طلب العلم على سلوكه فكان منضبطا في سلوكه اليومي وفي حياته التعليمية , فاحتك بثلة من العلماء الأجلاء والزملاء الذين جابوا ربوع الوطن طلبا للمعرفة والتزود بالعلم ومنهم سي الجيلالي الفارسي أحد المقربين من العلامة ابن باديس والذي لم يبخل على سي بوعلام بتزويده بمعارف استدراكية ودروس إضافية ساعات الفراغ على حساب راحة كليهما وتم ذلك في سنوات الأربعينيات من القرن العشرين التي غيرت مجرى حياته العلمية فكسب من العلوم الفقهية والدينية وكل المواد المدروسة ثم عاد إلى حيث أهله وعشيرته . سافر سي بوعلام إلى فرنسا واستقر هناك طلبا للعمل في مدينة " سانت إيتيان" فمكث فيها حولين كاملين ليعود إلى الوطن , أكمل نصف دينه الأول بعد أن عقد القران على ابنة عمه ( محمد بن عبد القادر) وأنجب منها ولدين اثنين ثم حدث الإنفصال بينهما على شرع الله , وبعده كانت وجهة سي بوعلام أقصى الحدود الغربية للتراب الوطني فحط الرحال بمدينة مغنية , وفيها تزوج ثانية من فاطمة عبد المالك فرزقهما الله ذكورا وإناثا . اشتغل الشيخ سي بوعلام في هذه المدينة معلم قرٱن قبل اندلاع الثورة , ثم أقفل عائدا إلى مدينة وهران وتحديدا حي " البلانتير" مواصلا نفس الوظيفة الأولى وكان في هذه المرحلة من عمره ومن عمر الثورة الجزائرية نشطا وواعيا بقضية وطنه فكرس جهده وما أوتي من قوة فكرية وقدراته العلمية وتشبعه بالروح الوطنية لتجسيد وترسيخ العقيدة الإسلامية فيمن أوكلت له مهمة تعليمهم من أبناء وطنه واضعا نصب عينيه أن يجعل منهم الخلف الصالح , فلقن متعلميه دروسا عن الوطن والوطنية ومدى شرعية وقداسة القضية والثورة التحريرية , وحسس الكهلة من فئات المجتمع المحيط به والمجاهدين بطريقة مستديمة بمكانة الشهادة عند الله ومرتبة الشهداء في الآخرة , كما كان يحث هؤلاء وأولئك على المضي قدما مبرزا للجميع قداسة رسالة الجهاد بدروس تزرع في نفوسهم الحماس ويرشدهم فيها على إبلاغ صدى الثورة المسلحة إلى كل أبناء الوطن إلى غاية افتكاك ثمن التضحية وهو الحرية والإستقلال , وإلى جانب وظيفته التعليمية التي كان يقتات منها كان الشيخ بوعلام يجمع التبرعات بعيدا عن أنظار السلطات الفرنسية ويبعث بها إلى إخوته في الجهاد دون أن يتفطن إلى عيون المراقبة التي كانت تتقفى خطاه ليقع في قبضة السلطات الفرنسية ويدخل السجن بل ويتردد عليه مرات عديدة وينال في غدوه ورواحه إلى مراكز الإستنطاق عذابا شديدا وضربا مبرحا تسبب في شل رجله اليسرى إلى الأبد وهي الإعاقة التي جاءته من أحد العساكر الفرنسية من أصل أسبان , وألحقه التعذيب عاهة أخرى أفقدته أسنانه فسقطت القواطع والأنياب حين انهال عليه ذاك العسكري المتغطرس بأخمس رشاش مَن كان على مقربة منه من عسكر الإحتلال. لم تثن ضربات عسكر فرنسا ولا تعرضه للعذاب عزم الشيخ في مواصلة تضحيته , بل وكان إيمانه القوي بخالقه وبالقضية الوطنية أقوى هدف وأنبل مهمة في حياته , فواصل نشاطه كعضو فعال في المنظمة الوطنية بجبهة التحرير الوطني إلى غاية استرجاع الجزائر استقلالها ..
انتقل الشيخ سي بوعلام بعد حياة النضال من أجل القضية الوطنية إلى مدينة عمي موسى رفقة زوجته المغناوية وأبنائهما , وفيها عين في وظيفة بالمسجد العتيق الذي بني العام 1878 وفيه فتح مدرسة قرآنية تطورت مع الزمن وأمام ارتفاع عدد الوافدين إليها إلى أول معهد إسلامي استقطب عددا كبيرا من الطلبة من مختلف الولايات الأمر الذي دفع بالشيخ سي بوعالم ومعاونيه إلى إلحاق مقر الزاوية الطيبية المحاذية للمسجد العقيد بالمعهد الجديد . بعد هذا الكم الهائل من الوافدين على المعهد تطور نمط التدريس الذي كان في بداية الأمر مقتصرا على تلقين القران وتحفيظه , إلى إضافة مواد تدريس أخرى كالقواعد النحوية والبلاغة إضافة إلى دروس أخرى كان عدد من حملة الشهادات من شباب مدينة عمي موسى يسهمون في تقديمها كالحساب والعلوم والرياضيات ( الهندسة والجبر) والمواد الإجتماعية ( التاريخ والجغرافية) , كما كان يتلقى الطلبة دروس العلوم الشرعية كرسالة ابن القيرواني , ابن عشير , الشيخ خليل . فكان العقدان الأول والثاني من الإستقلال عصر نور وثورة حقيقية ضد الحرمان .
لقي الإقبال المنقطع النظير للطبلة من مختلف ولايات القطر استحسانا من قبل الوصاية على قطاع الشؤون الدينية وغيرها وأقرت الإدارة للشيخ بأحقية وظيفة ودور المعهد الجديد في تكوين الطلبة ومشاركتهم في الإمتحانات المهنية وخاصة ما تعلق منها بقطاع التعليم الذي كان يشكو نقصا كبيرا في التأطير الجزائري غداة الإستقلال وإقبال الدولة آنذاك على تجسيد فكرة جزأرة سلك التعليم وباقي القطاعات الأخرى , الأمر الذي شجع الطلبة على المزيد من التعلم بغية الحصول على شهادة مدرسية لمستويات الثالثة والرابعة من التعليم المتوسط ( الإكمالي حاليا) اعترف بها الوظيف العمومي ومرخص بها من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف , تخول لحاملها دخول الإمتحانات بدءا بامتحان ما اصطلح على تسميته في بداية المشوار التعليمي عقب الإستقلال " امتحان الممرنين" كعتبة يلج منها الناجح قطاع التعليم ثم يترقى إلى معلم مساعد بنفس الكيفية .. والكثير ممن ثابروا واجتهدوا بلغوا مستويات ومناصب عليا في هرم السلطة كانت بدايتها هذه النواة .. مكنت هذه الخطوة الناجحة في المعهد الإسلامي الذي أسسه المرحوم الشيخ سي بوعلام من تخرج المئات من الإطارات المختلفة على يده , وبعد انتشار المعاهد الإسلامية عبر مختلف ربوع الوطن في مرحلة ثانية , انتهت صلاحية تسليم الشهادات من الشيخ سي بوعلام فتقلص عدد الطلبة الذين كانوا يتوافدون على المسجد العتيق بمدينة عمي موسى , وبقي النشاط مقتصرا على العلوم الشرعية والفقهية وخاصة التكوين المستمر للأئمة وتنويرهم بالعلوم الإسلامية إلى أن وافته المنية يوم 29 جانفي 1995 بعمي موسى , واستجاب طلبته لطلبه فشيع جثمانه على الأكتاف انطلاقا من المسجد العتيق إلى مقبرة الولي الصالح سيدي عمارة . وبفضل الله عز وجل وبفضل المرحوم الشيخ سي بوعلام تعلم وتكون شباب وكهلة من الذين حرمتهم فرنسا من حق التعليم ..وبفضل الله وفضل الشيخ تقلدوا مناصب ووظائف تبوأوا من خلالها مراتب عليا ومحترمة ...
المصادر والمراجع:
من كتاب الباحث لحسن محمد سياسيون مروا من هنا.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة